التعليم في الجزائر

نظرة عن قرب

لا يأخذ الطفل غالبا من المدرسة الأساسية، ما تتطلبه الحياة العملية، الثقافة وحب المطالعة. 



أثناء الدرس



 
المدرسة الجزائرية ليست كسابقتها الفرنسية، حين كانت تدرس العلمانية بشكل حيادي، بعيدا عن العصبية وتأثيرات الدين (الإسلامي هنا‎) لهذا، نرى تراجعا حادا، حين نجد أن طبيبا مثلا، بشهادة دكتور، لا يمكنه كتابة خطاب بالعربية، ناهيك عن الفرنسية أو غيرها من اللغات.

لم يمسك الجزائر منذ استقلالها مثقفون، وحين تمسك الطبقة الجاهلة بلدا ما، فلن تعطينا غير منظومة مأزومة.

لمحة تاريخية عن التعليم في الجزائر

كان التعليم الفرنسي المفروض موجها لدعم السياسة الفرنسية و ثقافتها في البلد. أغلبية من أولاد المعمرين كطلبة. الفرنسية لغة التعليم الأساسية، العربية كلغة لمن أراد تعلمها.

ألغي التفريق بين الطلبة الفرنسيين و الجزائريين سنة 1949، صاحبته زيادة في عدد الطلاب المسلمين في 1954، بعد مخطط قسنطينة الديغولي لإنعاش البلد. صاحبت الفوضى بدايات التعليم بعد الإستقلال، نتيجة للمسؤولية المفاجئة التي مسكها أصحاب القرار الثوري أيامها.

ألغي التعليم المنفصل بين الأطفال الفرنسيين والأطفال الجزائريين في عام 1949 ، تبعه زيادات في معدلات التحاق المسلمين مثلما قرر في خطة قسنطينة 1954 الشاملة لتحسين ظروف معيشة المسلمين. عشية الاستقلال مع ذلك ، بقيت تدرس المناهج الأوروبية حصرا باللغة الفرنسية، كما كان أقل من ثلث من هم في سن المدرسة من الأطفال المسلمين المسجلين في المدارس في المرحلة الابتدائية. 30 في المئة فقط في المرحلتين الثانوية ، و 10 في المئة من الطلاب الجامعيين من الجزائريين.

أدت الزيادة السكانية في الجزائر إلى صعوبات لإستيعاب هذه الزيادة في قطاع التعليم المقدم للأطفال والبالغين ،وبالرغم من مجانية و إجبارية التعليم في الجزائر فان عدد المسجلين يفارق نسبة المائة الكاملة بفارق ليس ببسيط، خاصة أن عدد فارق المسجلين يزداد مابين المرحلة الإبتدائية و الثانوية بالبلاد. الحقيقة أنه مايقارب نصف عدد السكان فقط سجلوا في مدراس الثانوية التي تتكون من مرحلتي من 3 سنوات تبدء من سن 12 عاماً.

المؤيدون للتعليم الفرنسي

دخول فرنسا على الجزائر كان لسبب بسيط، قوتها مقابل هشاشة الدولة المنافسة، الدولة العثمانية، مستمدة قوتها من أركان أساسية، العلم، الثقافة، الحضارة باختصار.

فبسبب أعمال القرصنة، أخذت فرنسا عدتها لتهاجم الجزائر التي تخلى عنها الباي في 3 أسابيع فقط من حصارها، موثقا عهوده مع الفرنسيس بالأمان، وفارا مع بقية جند الإنكشارية لتركيا.

كان البلد مكشوفا عندها، مع غياب أية لمحة لدولة جزائرية قائمة بذاتها، فاستغلت فرنسا الوضع، لتعلن عن ''مهمتها الحضارية'' Mission Civilisatrice.

تتلخص المهمة ببساطة في: ''كل أهالي الجزائر فرنسيون، على قدم المساواة مع اخوانهم الفرنسيين عند تقبلهم للقانون الفرنسي العلماني، والذي يحترم فيه الدين مهما كان''.

هناك من تقبل القانون، حوالي 300 آلاف جزائري مسلم، وخاصة من يهود الجزائر الذين صاروا مواطنين بكل الحقوق، أما باقي عرب الجزائر، فاصتصدرت لهم فرنسا قانونهم الخاص، ''قانون الأهالي''.
إن ما يسميه البعض "استدمار" الفرنسيس، ماهو إلا حملة تهدئة Pacification قامت بها فرنسا ضد ما اعتبرته امتدادا لوجود الأتراك.

أحمد باي التركي القسنطيني مثلا قام بإعادة بعث اللغة العربية فقط عند دخول الفرنسيس، رغبة في كسب تأييد العرب الكارهة للأتراك أصلا، وكدليل لحسن نية الفرنسيس، منحوا الأمير عبد القادر السلام والأمان، حين عرض عليهم شروطه المقبولة.  

محاربة الثقافة العرية إذن لم تكن هدفا للفرنسيين، حين مسكوا إدارة البلد، وحين تخلت أغلبية الجزائريين عن الجنسية الفرنسية الكاملة بعدها.

المنتقدون للتعليم الفرنسي

عملت فرنسا منذ الغزو على محاربة الثقافة العربية ، فقضت على المراكز الثقافية المزدهرة في الجزائر منذ قرون خلت ، كذلك أغلقت نحو ألف مدرسة ابتدائية و ثانوية و عالية كانت موجودة في الجزائر في سنة 1830. و قد حمل أحد الكتاب الفرنسيين و هو ًيولارً فرنسا مسؤولية تأخر الجزائر في القرن العشرين ، إذ يقول :
لقد أشاع دخول الفرنسيين إلى الأوساط العلمية و الأدبية ، اضطرابا شديدا فهجر معظم الأساتذة الأفذاذ مراكزهم هاربين . و لقد كان يقدر عدد الطلاب قبل 1830 م بمائة وخمسين ألف طالب أو يزيدون ؛ و مهما يكن من أمر فلم ينجح من المدارس القديمة سوى عدد قليل من المدارس الصغيرة ، و حرمت أجيال عديدة من التّعليم
روّجت الدّوائر الاستعمارية في أوساط الأجيال الصاعدة ، أن الجزائر قد بلغت في القرون الماضية أسفل درجات الجهالة و الهمجية ، إذا لم يكن بالبلد أي تعليم منظم ولا حياة فكرية فلا عالم بينهم ولا كاتب أديب ولا شاعر.

النظام المدرسي في الجزائر

يمكن مقارنة التعليم في الجزائر مع التعليم في الدّول النامية الأخرى. التمدرس في الجزائر إلزامي وحضوري من قبل أكثر الأطفال في الجزائر.

الأساسي (الابتدائي و المتوسط)
  • نوع المدرسة التي تزوّد هذا التعليم: المدرسة الأساسية
  • مدّة البرنامج: 10 سنوات
  •  مدى العمر: من 6 إلى 16 سنة
  •  شهادة / إجازة ممنوحة: شهادة التعليم المتوسط (ش ت م)

الثانوي العام


  • نوع المدرسة التي تزوّد هذا التعليم: مدرسة التعليم الثانوي العام ، مدارس ثانوية متعددة الاختصاصات
  • مدّة البرنامج: 3 سنوات
  • مدى العمر: من15 إلى 18 سنة
  • شهادة /إجازة ممنوحة: شهادة التعليم الثانوي (ش ت ث)(بكالوريا التعليم الثانوي)

الثانوي التقني


  • نوع المدرسة التي تزوّد هذا التعليم: ثانويات التعليم التقني (متقنة)
  • مدّة البرنامج: 3 سنوات
  • مدى العمر: من15 إلى 18 سنة
  • شهادة /إجازة ممنوحة: بكالوريا تقنية (ب ت ت)(بكالوريا التعليم التقني)

الجامعة

تظم الشبكة الجامعية الجزائرية، ثلاثة وستون (63) مؤسسة للتعليم العالي، موزعة على ثلاثة وأربعين (43) ولاية عبر التراب الوطني. سبعة وعشرون (27) جامعة وعشرون (20) مركزا جامعيا واثنتا عشر (12) مدرسة وطنية عليا وأربعة (04) مدارس عليا للأساتذة.

 إن مؤسسات التكوين العالي، لم تأخذ في الحسبان ضمن هذا التعداد. كما توجد مدارس ومعاهد تخضع لوصاية قطاعات وزارية خارج قطاع التعليم العالي.
مشاكل التعليم بشكل عام راجعة للبيروقراطية، تدني المستوى الثقافي للمسؤولين انفسهم، خلقت وضعية لا يحسد عليها لا الأستاذ، و لا الطالب الجامعي، الذي يتخرج بحاصل ثقافي دون المتوسط. كما أن مستوى الجامعات في المجالات التقنية ضعيف و محدود، هياكلها غير الموازية للحركية السريعة في العلوم.
الإضرابات، (إعتقالات أيضا) لأساتذة التعليم الثانوي و الجامعي ليست راجعة للأجور فقط، بل كرفض مباشر لوصاية الدولة (رقابة) على التعليم، يريد الأساتذة من خلالها حرية إختيار رؤساء الجامعات ديموقراطيا، بدل التعيين الإداري.
العلوم والتقنية
جعلت الجزائر التقدّم تقني هدفا منذ الإستقلال، خصوصا في الفولاذ و صناعات الكيمياويات النفطية.على أية حال ، الجزائر ما زالت عندها نقص حادّ من العمّال المهرة معتمدة على التقنيات الأجنبية. التدريب العلمي يجري أساسا في جامعة هواري بومدين للعلوم والتقنية ، تأسّست في 1974 ؛ جامعة وهران للعلوم و التقنية ، تأسّست في 1975؛ جامعة عنابة (تأسّست في 1975)، جامعة البليدة (تأسّست في 1981)، جامعة بومرداس (تأسّست في 1981)، جامعة قسنطينة (تأسّست في 1969)، جامعة وهران بالسانية (تأسّست في 1965)، جامعة تلمسان (تأسّست في 1974)؛ و جامعة فرحات عباس بسطيف (تأسّست في 1978). في 1987 - 1997 ، طلاب العلوم و الهندسة وصل تعدادهم حتى 58 % من تسجيلات الجامعات و الكليّات. يشغّل مكتب الحكومة الوطني للبحث العلمي 18 مركز بحوث في علم الأحياء ؛ علم الأجناس البشرية؛ علم المحيطات والثروات السمكية ؛ علم الفلك ، الفيزياء الفلكية ، وعلم فيزياء الأرض ؛ الطاقة المتجدّدة ؛ المناطق القاحلة؛ نقل التقنية؛ وحقول أخرى.

المراحل الأولى للتعليم

بلغت نسبة المتعلمين في الجزائر 70% سنة 2003، الفرق بين الجنسين مازال واضحا، مقارنة مع المعايير العالمية، 79% للذكور، 61% للإناث. رغم جهود الدولة، تبقى النقائص على الميدان. التعليم، يأخذ ربع الميزانية العامة. تواجه الإدارة ضغطا من نوع خاص، إيواء صغار التلاميذ الجدد، ثم إيواءهم كشباب الجامعات.
التعليم في الجزائر مجاني و إلزامي لمن دون 16 سنة، رغم أن نسبة المتمدرسين لا تصل 100%. مواصلة الدراسة تسقط بحدة بين المدرسة و المرحلة الثانوية، تشير المعطيات لوجود نصف عدد المسجلين من المدرسة في الثانوية.
نسبة النجاح في البكالوريا في تصاعد، 43% حاليا.

التعريب: آثار الفرنسيس مازالت واضحة في تداخل الفرنسية بالعربية، تقرير فرنسي مع دُخولها الجزائر، أثبت أن نسبة المتعلمين 40%، ممن يمكنهم الكتابة و القراءة، أكثر من معدل الفرنسيين أنفسهم زمنها. المدارس القرآنية كانت وراء دعم التعليم، صار الأمر لنصف العدد، بعد تطبيق نظام التدريس الفرنسي، لتتأخر العربية في مجال التقنية، و تبقى لغة للأدب. دخل التعريب على التعليم متأخرا لكن بحدة (كان مفرنسا)، و لم تكن هنالك حرية في إختيار اللغة، و كمواجهة النقص في مدرسي العربية، تعاقدت الدولة قبلها مع أساتذة من الدول العربية.
كان القبائل بالأخص أكثر حظا في المناصب العليا بعد الإستقلال، لإلمامهم الجيد بالفرنسية و تعاملهم المكثف مع التقنيين الأجانب، مكونين جماعة ضغط قوية. كرد فعل، حاولت سياسة الحكومة الأولى تحرير العربية من جديد، و إحياءها، بالتركيزعلى الإسلام، و أيضا بالتعريب الممنهج. كان الرئيس بومدين هواري، زعيم الحملة في أواخر الستينات، و جعلها وسيلة للمد القومي العربي. لكنها وصلت متأخرة ثمانينات القرن، على مستوى الثانويات و الجامعات. تتحول لغة التلفزيون العام، و ظلت تقاليد التواصل نفسها، ببقاء الجرائد الفرنسية و البرامج الإذاعية.
عارض سكان القبائل، "الإمبريالية العربية" و التعريب بشدة، و طالبوا بفرض الأمازيغية في الدستور، احتراما لتاريخ البلد. كان هذا أكثر من مواجهة لغوية، امتد لتفكيك بيروقراطية الدولة الإشتراكية، و تمهيد الديموقراطية. مع موت الرئيس بومدين، التهبت الساحة الثقافية، فقامت الحكومة بإعادة تدريس الأمازيغية في جامعة الجزائر، بعد إسقاطها 1973. ثم دعمها ماديا.


أحداث جارية


  • حاليا و بعد 2003، سمحت الدولة بالتدريس الممنهج للأمازيغية (في مناطقها) و قامت بفتح دفتر شروط، للمدارس الخاصة.
  • طالبت بعض جمعيات الأولياء مؤخرا بمسح الفرنسية من المقررات السنوية و استبدالها بالإنجليزية و الإسبانية عامة، من جهة أخرى أرادت الدولة تعليم المتمدرسين الجدد الفرنسية في عامهم الأول، بحجة تلقائيتهم الفطرية. لدى الجزائريين حساسية لمسائل تعليم أولادهم، و غالبا ما يتوجه الميسورون للمدارس الخاصة، التي تتعرض لضغط الإدارة بخصوص دفتر الشروط الإلزامي.
  • تم تطبيق منهاج جديد في التعليم وهو نظام المقاربة بالكفاءات بدأ العمل به ابتداءا من السنة الدراسية 2003/2004 م وستكون كل المؤسسات قد أنهت مجمل التغييرات مع بداية السنة الدراسية 2008/2009 م وهو نظام مستورد من كندا له إيجابيات كثيرة لكن المآخذ عليم إيضا ليست هينة
  • مظاهرات طلابية للأقسام النهائية، 20 جانفي، 2007. مطالبين بتخفيف للمستوى الساعي للمواد المدرّسة.

(يتبع‎)

وصلات خارجية

 

تعليقات

يمكنك التعليق..

الأرشيف